السبت، 26 نوفمبر 2011

اكذوبة الانسحاب الامريكي من العراق


اكذوبة الانسحاب الامريكي من العراق

بعد سبع عجاف وقتل "مليون" عراقيhttp://www.youtube.com/watch?v=I_NXE-D2SK0
هل انسحبت الجيش الأمريكي من العراق؟بعد سبع سنوات على احتلالها للعراق شرعت الولايات المتحدة الأمريكية في إنهاء المهام القتالية لقواتها الذي أذاقت العراقيين الويلات في أبشع احتلال يمكن أن يشهده العالم في القرن الواحد والعشرين، وقد رصدت وسائل الإعلام انسحاب القوات الأمريكية وهي تخرج من العراق لتدخل "بلد عربي" آخر مجاور ، ولا يعلم إن كانت هذه القوات ستبقى مطولا في ضيافة هذا البلد أم ستعود للديار الأمريكية وهو الأمر لم يعلن عنه بعد ولم يشرع بعد في ترحيل القوات المنتهية مهامها في العراق، وبالتالي قد يكون إنهاء المهام في العراق إعلانا ببدء المهمة "القذرة" في مكان آخر.

المشهد بدأ وكأنه انسحاب أو خروج ولكن مع وقف التنفيذ، فلا زال 50 ألف جندي أمريكي يربضون في العراق، بذريعة إعداد وتدريب قوات الأمن والجيش العراقي، والسؤال ألا تكفي سبع سنوات من الاحتلال لتدريب هذه القوات؟ وهل يحتاج بلد كالعراق إلى وجود هذا العدد من الجنود ليقوموا بتدريب جنوده؟ وعلى ماذا يدرب الجيش العراقي؟، الحقيقة أن هذه القوات ليست تدريبية أو استشارية بل هي قوات كوماندوز تتبع شركات خاصة تحترف القتل والخراب والتدمير ومدربة على تنفيذ عمليات الاغتيال وتنفيذ العمليات العسكرية الهجومية، عل الصورة تكون اتضحت وانقشع الغبار عن الخديعة.

توقيت الخروج الأمريكي مدروس بعناية فائقة، لأنه جاء والمشهد العراقي يعيش على حدود الكارثة بالمعنى الكامل فهناك تناحر سياسي قد يتطور ليصبح عسكري أو العكس وهو قابل لكل الاحتمالات بعد ميراث سبع سنوات من الاحتلال، أدت لشحن الأجواء والبغضاء والافتراق بين مكونات العراق الاجتماعية السنة والشيعة والأكراد، ويأتي بعد مضي ستة شهور على الانتخابات العراقية ورغم ذلك لم ينجح العراقيين في تشكيل الحكومة والاتفاق عليها، بعض الدول العربية تعيش أجواء الاحتقان رغم وجود الحكومة فكيف ببلد لا يوجد به حكومة كالعراق، ويفتقر لأدنى متطلبات الحياة من ماء وكهرباء، حتى وإن شكلت الحكومة العراقية فإن الإرث الذي تركه الاحتلال الأمريكي كفيل بتفجير المجتمع وليس الحكومة فقط ، ولا نغفل هنا موضوع النفط الذي حرمت عائداته على الشعب العراقي.

الخروج الأمريكي من العراق مطلب لكل الأحرار والثوار في العالم ولكل العراقيين، لكنه خروج مشبوه يستهدف شحن التوتر وفي هذا الوقت تحديدا بين الأكراد والعرب حول منطقة كركوك، وإحداث حالة من الاشتباك بين قوات البشمركة والقوات العراقية قد يتطور بانضمام السنة والشيعة للمواجهة وينتقل إلى إقليم كردستان وتصبح حرب عرقية وربما دينية مذهبية، وهو ما يذكر بأحداث عامي 2006 و2007. وبالتالي فإن أحد أهم الأهداف الأمريكية هو إشعال برميل البارود بين العراقيين وترقب مزيدا من الانفجارات، ولكن يبقى هذا الهدف رهنا بقدرة العراقيين على ضبط خلافاتهم والقدرة على امتصاص المحاولات الأمريكية الهادفة لضرب الاستقرار الشعبي والاجتماعي والسياسي والعرقي والمذهبي للعراقيين. وهذا لا يعني أن الخروج الأمريكي قد يكون مبكرا أو متأخر فالأصل ألا يكون موجودا من الأساس أما وقد حدث ما حدث فإن استقرار العراق الداخلي وخروجه من الكبوة لا يمكن أن يصنعه بقاء قوات الاحتلال الأمريكي في العراق، بقدر ما هو صناعة عراقية بحتة أداتها الإرادة الداخلية والإدارة الحقيقية البعيدة عن التدخلات والإملاءات الخارجية.

تلك هي عينة من الأهداف الأمريكية للخروج من العراق، ولكن ما هي الأسباب بمعنى آخر لماذا قررت القوات الأمريكية الخروج؟، السبب الأول شخصي متعلق بالإدارة الأمريكية الديمقراطية الحالية ، كأنها تريد القول بأن باراك أوباما أوفى بوعوده الانتخابية ، رغم أنه وعد أيضا بالخروج من أفغانستان لكن الوقائع تثبت عكس ذلك ما يحدث هو فقط إعادة انتشار لا غير وقد يكون الخروج من العراق توغلا أكثر في أفغانستان، الأمر الآخر التكاليف المالية للاحتلال رغم أنهم سرقوا خيرات العراق ونفطه إلا أن أوباما على ما يبدو يريد توجيه هذه السرقات للضمان الصحي والرعاية الاجتماعية وتقليل الضرائب وتخفيف الأعباء عن الميزانية الأمريكية. والأمر الأكثر أهمية للخروج الأمريكي هو إحداث نقلة نوعية في السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة بهدف تعزيز الثقة والمصداقية، خاصة بين إدارة أوباما الديمقراطية والرأي العام الأمريكي على نحو قد يساعدها ولصالحها في انتخابات الكونغرس المقبلة. لتعود بعد انتهاء الانتخابات لوضع سيناريو العودة لدخول العراق من جديد. وهذا السيناريو تراه غالبية وجهات النظر العراقية التي وصفت الخروج الأمريكي بأنه مصطنع يهدف لتضليل العراقيين والعرب والعالم.

أنهت القوات الأمريكية مهامها في العراق وانسحبت لكن دون تحقيق أي من أهدافها المعلنة أو غير المعلنة، ذهبت تباشير بوش الابن مهب الرياح، ولم يحصل الأمريكيون على صك تنازل أو استسلام من العراقيين حتى من الذين قدموا على ظهور الدبابات الأمريكية، وبالتالي لم يتحقق أي نصر ولم يسيطر على العراق أو لم يخضع للاحتلال رغم كل ما تعرض له العراقيين، ولا زالت المقاومة العراقية قوية وتضرب القوات الأمريكية في العمق وتبعث بجثثهم للديار، فكان مشهد خروجهم إعلانا بنصر ثابت وواثق للمقاومة العراقية نتمنى أن يكتمل. وأن تقطع كل الذرائع التي قد تدفع الأمريكيون للعودة مرة أخرى للعراق وأهمها إفشال أي محاولة للحرب الأهلية، حتى لا يعود الاحتلال بذريعة "إنقاذ العراقيين".

ختاما فإن الخروج الأمريكي المصطنع من العراق يذكر بما حدث في كوريا الجنوبية عندما أنهت القوات الأمريكية مهامها هناك منذ ستين عاما، ورغم ذلك لا زالت الولايات المتحدة تحتفظ بما يزيد عن ثلاثين ألف جندي أمريكي على الأرض الكورية،فهل يتكرر المشهد ذاته في العراق؟، هل ستبقى القواعد الأمريكية هناك؟ هل يمكن أن تقبل الولايات المتحدة بعراق قوي وحر ومزدهر ومستقل؟ هل يقبل الكيان الصهيوني بعودة البعبع العراقي من جديد؟ عل إجابة هذه التساؤلات تكون كافية لفهم حقيقة الخروج الأمريكي من العراق
عندما كان الجنرال بترايوس قائدا لقوات التحالف في العراق كثيرا ما طلب من هيئة ركنه إشعار هذا المسؤول أو ذاك من العراقيين بأن تصريحاتهم لا تخدم العملية السياسية وتوجهات المصالحة.
 فما الذي دفع القادة الأميركيين الحاليين إلى التزام الصمت تجاه التصريحات الغوغائية التي يطلقها مسؤولون رفيعو المستوى ممن لم يكونوا معروفين؟ التذرع بنقل السيادة لا يقنع عاقلا، فالعراق لا يزال تحت الوصاية الدولية، والأهم من ذلك أن على الأميركيين التزاما أخلاقيا لا يجيز توفير حماية لفريق جُبل على الانتقام. وليس من الإنصاف ولا من مصلحة أميركا تسخير قدراتها لفرض معادلات انحيازية تؤسس لظلم وصراعات بعيدة الأمد يرفضها العراقيون. على خلفية حرمان سياسيين من حق الترشيح للانتخابات، حذر رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية، وقد فسر فريق الحكم التصريح كدليل على صلة هؤلاء بالعنف. وهو تفسير ضيق وخاطئ، فجماعات العنف غالبا ما تستغل الممارسات البعيدة عن روح الوفاق والتصالح لتنفيذ برامجها، وقد تكون من نفس الجهة التي تسعى إلى لصق الاتهامات بشرائح معينة، وفق مخطط يستهدف تغيير هوية العراق أو تفكيكه. وخلال حملة هستيرية لتحقيق معطيات قهرية للفوز في الانتخابات طالب، أو توعد، مسؤولون محليون كبار باتخاذ إجراءات لطرد البعثيين من دوائر الدولة، ما أثار موجة قلق لدى الناس من تطبيق تعسفي لإجراءات غير قانونية بسلطة الدولة. وعلى الرغم من صدور تصريحات تعديل أو رفض غير مقنعة «لبعض» التصريحات فلم تضطلع الحكومة بدورها القانوني والإداري لوقف هذه الهستيريا. ولا يمكن إرجاع غياب رد الفعل الحازم إلى ضعف رئيس الحكومة، وهو الذي اعتاد على إطلاق تصريحات نارية ينذر بها خصومه «بمستقبل مظلم»، بقدر ما تعكس «التصريحات» من هنا وهناك تبادل أدوار منظما، لا سيما أن معظمهم من التابعين لفريق المالكي أو من المحسوبين على جناحه الدعوي. وعلى طريقة البلطجة «الباسدارانية» والتهديدات الفارغة بغلق مضيق هرمز في حال ضرب المواقع النووية المثيرة لقلق العالم، يخرج مسؤول محلي من البصرة مهددا بإعلان إقليم البصرة وقف تصدير النفط في حال إشراك من وصفهم بالبعثيين في الانتخابات. وكأن مصير العراق أصبح تحت رحمة هذا أو ذاك من المتحكمين في مصدر عيش العراقيين. وكل هذا يحدث ولم يصدر من الحكومة المركزية رد فعل يستحق الذكر. وما قاله نجاد في خطبة يوم الثورة التي «خطفوها» عن منع ما سماه عودة البعثيين يعطي رسالة واضحة تحكي قصة الدور الإيراني المطلق اليدين، ويدل على أن ما يحدث في العراق من معضلات أمنية وسياسية يرتبط بمخطط إيراني لم يعد يعير أهمية لأحد. ومن يعرف العراقيين عموما والبعثيين تحديدا يدرك أن مثل هذه الغوغائية الاستفزازية ستقود البعثيين إلى لملمة أوضاعهم وإعادة هيكلية تنظيماتهم الموجودة أصلا، وبذلك ينتقل العراق إلى صراع سري يجيد البعثيون فنونه أكثر من غيرهم. فلماذا هذا الاستفزاز المبني على الأحقاد والضغائن؟ كنت وسأبقى مؤمنا بجدوى الممارسات الديمقراطية النشطة للحصول على الحقوق الإنسانية والسياسية، وإذا ما جابه الحاكم الممارسات بوسائل قمعية مسلحة وبطش فإنه يضع نفسه تحت حكم القانون المحلي والدولي اليوم أو غدا، ويكون هو السبب الرئيسي في حالة انزلاق الأمن وانتشار العنف. بعض الأشياء قابلة للفهم، إلا أن الإصرار على سياسة الإقصاء والتجاوز على أرزاق الناس وأمنهم ومستقبلهم وحقوق مواطنتهم لا يمكن فهمه إلا من زاوية عدم إدراك الحقائق على الأرض. فالعراق لا يستقيم حكمه بواجهات لولاية الفقيه، ولا من قبل حزب طائفي من أي لون كان، ولا بسياسة فرض الأمر الواقع. وليس من مصلحة العراق وأمنه العمل على إبعاد سياسيين نشطين، بصرف النظر عن الأسماء، للإتيان بأشخاص ضعفاء يساقون إلى حيث يراد سوقهم، فالضعفاء لا يتّبعهم غير أحلامهم الشخصية. وما يجري في العراق ليس إلا عملية انقلابية كسابقتها الإيرانية، والمستهدف بهما هو كل من يخالف مشروع المرشد. أما الأميركيون، فإذا كانت هذه هي الديمقراطية التي يريدون فرضها على الآخرين فإن العالم سيفقد ما بقي من ثقة في توجهاتهم. ولن يحقق الرئيس أوباما ببلاغته وخطبه وإلمامه بالقانون وحقوق الإنسان شيئا يساعد بلاده في تحقيق وضع أفضل دوليا، ولن يتمكن من طمأنة الدول العربية الصديقة لأميركا حول مستقبل العراق. وإذا كان الملل قد أصابهم فليتركوا العراق لأهله ولحكم الأقدار أفضل من هيكل يبنى على الظلم. الكثير من الممارسات والتصريحات الرسمية وغير الرسمية من قبل كتل حاكمة أصبحت أقرب ما تكون إلى أفعال العصابات، فهل يجوز القول بأنها عصابات تحت الوصاية الدولية؟


تــــــــــــــــــفــــــــــــــــضـــــــــــــ ـــــــلـــــــــــــــــــــــو